قال: (والفقه أخص من العلم) .
هذه بعض المصطلحات التي يقدم بها الأصوليون بين يدي البحث في هذا العلم، فيذكرون تعريف العلم والجهل وغير ذلك، فقال: والفقه أخص من العلم، أي: أن الفقه في الاصطلاح: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلته التفصيلية، فهو أخص من العلم؛ لأن العلم يشمل العلم بالأحكام الشرعية، والعلم بالأحكام العادية، والعلم بالأحكام العقلية، والعلم بغير الأحكام أصلاً، ويشمل أيضاً العلم بالأحكام الشرعية النظرية غير العملية، والعلم بالأحكام الشرعية العملية غير المكتسبة؛ كل ذلك يشمله العلم ولا يشمله الفقه.
وعرف العلم بقوله: (والعلم: معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع) فالعلم: هو معرفة المعلوم.
أي: ما يتعلق به العلم على ما هو به.
أي: على حقيقته وصفاته.
(في الواقع) ، أي: الحاصل.
والمقصود: أن معرفة الشيء على حقيقته تسمى علماً به، أما معرفة الشيء على غير حقيقته -كمعرفته باعتقاد أمر غير واقع فيه- فيعد من الغلط والجهل به، فلا يسمى ذلك علماً.
وذكر المعلوم في هذا التعريف مقتض لحصول الدور؛ لأن العلم لا يعرف إلا بتعريفه وتعريفه فيه المعلوم، والمعلوم لا يعرف إلا بالعلم، فيقتضي هذا الدور؛ فلذلك لا يمكن أن يعرف الشيء بما تتوقف معرفته على معرفته، فيمكن أن يقال في تعريف العلم: معرفة الشيء على ما هو عليه، أو على ما هو به في الواقع.
قال: (والجهل: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع) العلم خلافه الجهل، والجهل يطلق على خلاف العلم وخلاف الحلم، فيقال: هذا جاهل.
بمعنى: غير عالم، ويقال: هذا جهول.
أي: صاحب نزق وخفة وطيش ونقص عقل، الأول من الجهل الذي هو خلاف العلم، والثاني من الجهل الذي هو خلاف الحلم.
والجهل في الاصطلاح: هو تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع، إذا كان الإنسان يتصوره، وهذا النوع من الجهل هو الذي يسمى بالجهل المركب، فالجهل قسمان: عدم تصور الشيء أصلاً، وهذا الجهل البسيط، وتصوره على خلاف ما هو عليه، وهذا الجهل المركب، فكون الإنسان يظن أن الفقه هو علم الحساب فهذا جهل مركب؛ لأنه تصور هذا العلم على خلاف ما هو عليه، وكونه لا يعرف مدلول الفقه -أصلاً- فهذا هو الجهل البسيط.