قال رحمه الله: [ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب] ، هذه مسألةُ التخطئةِ والتصوِبَةِ، التي تسمى بـ: رأي المخطئة ورأي المصوبة، وهي: أن الاجتهاد امتحان من الله تعالى للمجتهد في الوصول إلى معرفة الحكم، أي: حكم الله في كل مسألة، فما من مسألة إلا ولله فيها حكم، ولكنَّ ذلك الحكمَ خفيٌّ لم يرد فيه نص، فامتحن الله الناسَ في الوصول إليه، فمن وصل إلى ذلك الحكم الذي هو في علم الله فهو مصيب قطعاً، ومن لم يصل إليه فهو مصيب فيما بينه وبين الله باجتهاده، لكن في علم الله أنه لم يصل إلى الحكم الذي علمه الله.
وعلى هذا، فمن الناس من يرى أن (كل مجتهد مصيب) ، ومنهم من يرى أن (لكل مجتهد نصيب) فقط، وأنه منهم من يصيب ومنهم من يخطئ، فمن أصاب الحق في علم الله فهو المصيب، ومن أخطأه فهو مخطئ، ويستدلون بهذا الحديث: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب كان له أجران، وإذا اجتهد وأخطأ كان له أجر) فدل هذا على أنه يمكن أن يصيب ويمكن أن يخطئ.
ويمكن الجمع بين القولين، بأنه ما من مجتهد إلا وهو مصيب في امتثاله لأمر الشارع له بالاجتهاد، ولكن مع ذلك قد يصيب الحق في علم الله، وقد لا يصيبه، بحسب توفيق الله له.