ثم قال: [والعلة هي الجالبة للحكم] .
يريد بهذا: زيادة تعريف للعلة، أي: أن الحكم مرتبٌ على العلة، فمتى وُجدت وُجد الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم.
قال: [والحكم هو المجلوب للعلة] .
أي: أن الحكم مرتبٌ على العلة، فهي علامة عليه، فمتى وُجدت تلك العلة وُجد الحكم.
وهنا أراد أن يبين بهاتين الجملتين: أن العلة يمكن أن تكون قاصرة، فتصلح للتعليل، وذلك كخروج النجس من أحد السبيلين، فقد دل الدليل على أنه ناقض للوضوء، وهو العلة، ولكن هذا مختص بما وردت فيه هذه العلة، فلا توجد هذه العلة في غير هذا المحل، فالعلة هنا قاصرة على مورد النص، فلا يُلحق به غيره.
أما العلة المتعدية: فهي التي توجد في غير محل النص، فيمكن أن يُلحق به غيره، كالإسكار في الخمر، فإن الإسكار قد يوجد في غير مشروب العنب، فيُلحق به.
وهذا محل خلاف: هل العلة القاصرة تصلح للتعليل أو لا؟ 1 - فقد ذهب المالكية والشافعية إلى صحة التعليل بالعلة القاصرة.
2 - وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن العلة القاصرة لا تصلح للتعليل، فَرَأَوْا أن خروج النجس من أي مكان من البدن ناقض للوضوء إذا تفاحش، فمن استاك فخرج الدم من لِثَّتِهِ فتفاحش، فذلك ناقض عند الحنابلة والحنفية، ومثله: من جُرِح فخرج منه دم من ساقه أو يده أو غير ذلك، فإن تفاحش نقض عند الحنابلة والحنفية، ولا ينقض عند المالكية والشافعية؛ لأن العلة القاصرة لا تصلح للتعليل عندهم.