قال رحمه الله: [ومن شرط الأصل: أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين] .
[من شرط الأصل] أي: من شروط الأصل.
[أن يكون ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين] أي: أن يكون حكمُه ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين، فإن كان ذلك الدليل محل خلاف بين الخصمين، أو كان وجود الحكم في الأصل محل خلاف بين الخصمين، لم يتفقا على ذلك القياس.
فهذا شرط لحكم الأصل، ومعناه: أن يكون حكم الأصل الذي يُراد إثباته في الفرع ثابتاً بدليل من نص -من كتاب أو سنة- أو إجماع، ويكون ذلك متفقاً عليه بين الخصمين المتنازعين؛ لأن البحث بينهما، فإذا ذكر المستدِلُّ -وهو أول المتكلِّمَيْنِ- الحكمَ مقترناً بدليله من نص أو إجماع، لم يُشترط موافقة الخصم؛ لأن دلالة النص الصريح أو الإجماع الصريح على الحكم يُؤمَنُ معه الانتشار، أي: انتشار النزاع.
وإنما اشْتُرِط هذا لئلا يمنع الخصمُ الحكمَ في الأصل أصلاً، فيُحتاج حينئذ إلى إثبات الحكم أولاً في الأصل، فينتقل الخلاف عن محله إلى مسألة أخرى.
فمثلاً: من يُنكر الربويةَ في الفُلُوس، ويرى أن لا ربا فيها مطلقاً، راجت أو لم ترُجْ، ويُلحق بها العُملات المعاصرة اليوم، فحكم الأصل عنده إنما ثبت بدليل ليس محل اتفاق بينه وبين الخصم، فإذا احتج بذلك، سيُخاصِمُهُ الخصمُ بأن الفلوس -أصلاً- عنده ربوية، فينتقل الخلاف في العملات إلى الفلوس، وهكذا.