ثم قال: [وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني أو أخبرني] .
إذا قرأ الشيخ الكتاب فسمع ذلك السامع، فيجوز أن يقول: سمعت فلاناً يحدث وهذا الأصل، أو أن يقول: حدثنا فلان، فإن انفرد هو بالسماع قال حدثني فلان، وإن كان مع غيره قال: حدثنا فلان إن كان قصده بالتحديث، فإن كان لم يقصده بالتحديث كما حصل للنسائي مع الحارث بن مسكين حين غضب عليه فطرده من مجلسه، فكان النسائي يختبئ فيسمع حديث الحارث بن مسكين، ثم بعد هذا إذا أخرج عنه في سننه يقول حدث الحارث بن مسكين وأنا أسمعه، وذلك ورعاً أن يقول حدثنا؛ لأنه يستثنيه، فيقول حدث الحارث بن مسكين وأنا أسمعه، وكذلك إذا قرأ التلميذ على الشيخ، فالتلميذ يجوز له أن يقول: حدثنا أو أخبرنا عند جمهور أهل الحديث، وهذا مذهب البخاري ومالك، وقد درج المتأخرون على التفريق بين التحديث والإخبار، فيقولون: حدثنا لما كان من السماع، ويقولون: أخبرنا لما كان بالإجازة أو غيرها من أوجه التحمل، فلذلك قال المصنف: [وإذا قرأ هو على الشيخ يقول: أخبرني ولا يقول: حدثني] ، وهذا قول لبعض أهل الحديث، والبخاري ومالك يريان أن لا فرق بين حدثنا وأخبرنا، قال: [وإن أجازه الشيخ من غير قراءة] كما إذا وثق بمعلوماته، وصحت قريحته وقراءته، فأجازه بكتاب معين من غير قراءة على الشيخ فيقول: أجازني فلان، ويجوز أن يقول: أخبرنا فلان إجازة، وجمهور المحدثين أنه يجوز أيضاً أن يقول أخبرنا فلان دون أن يذكر الإجازة، لكن لا يجوز في عرف المتأخرين أن يقول: حدثنا لما تلقاه بالإجازة فقط، ومثل ذلك ما تلقاه بالمناولة أو بالوجادة أو بالوصية أو بالكتابة أو بالإعلام، فهذه هي مراتب التحمل، ثمانية: السماع من الشيخ، والقراءة عليه، وإجازته، والمناولة، والكتابة، والوصية، والإعلام، والوجادة.