الجمهور على ذلك -على أنه لا فرق- يعني تعبير الصحابي عن صيغة الأمر والنهي بلفظهما لا يختلف عند جماهير أهل العلم، خلافاً لداود الظاهري وبعض المتكلمين، قالوا: لا يقتضي الأمر ولا يقتضي النهي حتى ينقل لنا اللفظ النبوي؛ لسنا مطالبين بألفاظ الصحابة وفهوم الصحابة -على كلامهم- لأن الصحابي قد يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهيٍ.

نقول: لا، هذا القول مرذول؛ لأنه إذا لم يعرف السلف من الصحابة الذين عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وفهموا مقاصده، ومقاصد الشرع، إذا لم يفهموا مدلولات الألفاظ النبوية من يفهمه؟

نعم، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((رُبَّ مبلّغٍ أوعى من سامع))، لكن (رُبَّ): حرف تقليل، ولا يتصور أن الصحابي يقول: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومراده -عليه الصلاة والسلام- النهي، أبداً؛ فالصحابة فهمهم مقدم على فهم غيرهم، فقول داود الظاهري وبعض المتكلمين في هذه المسألة مرذول، لا حظَّ له من النظر، أما إذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا، فالخلاف في رفعه معروف عند أهل العلم.

"أُمِرْنَا": هل يتصور أن يقول الصحابي: "أمرنا" في مسألةٍ شرعية والآمر غير النبي عليه الصلاة والسلام؟ ولذا جماهير أهل العلم على أن الآمر هو النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الناهي في المسائل الشرعية، فهو مرفوع، خلافاً لأبي بكر الإسماعيلي والكرخي وغيرهما الذين قالوا: هو موقوف.

قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو

بعد النبي قاله بأعصُر ... على الصحيح وهو قول الأكثر

على كل حال الذي جرنا إلى هذا كله التصريح بلفظ الأمر.

مثل التصريح بلفظ الأمر، التصريح بالفرض: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر"، أو بالوجوب أو بالكتب: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [(183) سورة البقرة]: معناه فُرض، وهذا دال على الوجوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015