نقول: نعم يحمل المطلق على المقيد إذا اتحدا في الحكم، وهنا اختلاف في الحكم؛ لأن مجرد جر الثوب له حكم وهو في النار -نسأل الله العافية- وأما جرّه خيلاء له حكم آخر أشد من الحكم الأول، وحينئذٍ في مثل هذه الصورة لا يحمل المطلق على المقيد.
ولو أدركنا في الكتاب شرح الإطلاق والتقييد لبيّنا ذلك بياناً يكفي -إن شاء الله تعالى- لأن للمقيد مع المطلق صوراً أربعاً، إما أن يتحدا في الحكم والسبب، أو يختلفا في الحكم والسبب، أو يختلفا في الحكم دون السبب، أو العكس، أربع صور، ولكل واحدةٍ منها حكمها.
يقول: المحظور يثاب على تركه ويعاقب على فعله، سؤالي: نحن في كل وقت تاركون، هل نجد الثواب مثلاً في هذا الوقت، نحن تاركون السرقة مثلاً؟
إذا تركت المحظور فلا تخلو إما أن تكون تركته عجزاً عنه، أو تكون تركته خشية لله -عز وجل- أو تركته غفلةً وذهولاً، ولكل واحد من هذه الصور حكمها، لكن المسلم إذا استصحب أنه ممتثل لأمر الله -عز وجل- وأنه منتهٍ عما حرمه الله عليه، وأنه لو أتيحت له فرصة للسرقة مثلاً ما سرق -نوى ذلك وبيّت ذلك- يثاب عليه -إن شاء الله- ولو عزب عن ذهنه.
هذه أسئلة كثيرة عن المجاز، وهل يدخل في الصفات أو لا يدخل؟ لكن ...
يقول: ما رأيكم في تحية المسجد وقت النهي، وهل الأمر مقدم أم النهي في النصوص إذا تعارضت؟
هذه مسألة مهمة جداً، ويقع فيها كثير من الناس، ويحتاج إليها في مثل هذا الوقت؛ لأنه وقت نهي، كثير من الناس يصلي في وقت النهي دون تردد كأن المسألة محسومة، وهذه المسألة من عضل المسائل، وليس الخلاف فيها كما يتصوره بعض الناس أنه من باب العموم والخصوص والخاص مقدم على العام، لا؛ فإذا قال الشافعي مثلاً: "إن أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة".
لغيره أن يقول من الحنفية والمالكية والحنابلة أن يقولوا العكس: "أحاديث ذوات الأسباب عامة وأحاديث النهي خاصة".
إذا قال الشافعي: "أحاديث النهي عامة في جميع الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات"، للطرف المقابل أن يقول العكس: "أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات"، وليس قول أحدهما بأولى من القبول من قول الآخر.