ومن وجهٍ آخر ينقسم إلى حقيقة ومجاز، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة، والمجاز ما تجوز عن موضوعه، والحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية، والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو استعارة، فالمجاز بالزيادة مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(11) سورة الشورى]، والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(82) سورة يوسف]، والمجاز بالنقل كالغائط فيما يخرج من الإنسان، والمجاز بالاستعارة كقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} [(77) سورة الكهف].
يقول -رحمه الله تعالى-:
ومن وجهٍ آخر ينقسم الكلام إلى حقيقةٍ ومجاز: ثم عرف الحقيقة بتعريفين، فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه، وقيل: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطِبة أو المخاطَبة: يجوز هذا وذاك، على ما سيأتي.
والمجاز ما تجوّز به عن موضوعه: فلما ذكر أقسام الكلام باعتبار دلالته قسم الكلام باعتبار استعماله، وذكر أن الكلام من هذه الحيثية ينقسم إلى قسمين: حقيقة ومجاز.
واختلف العلماء في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، فأثبته بعض العلماء واشتهر وانتشر عند كثير من المتأخرين ولم يفرقوا في ذلك بين النصوص الشرعية وغيرها من الكلام العادي، ونفاه عن القرآن قوم وأثبتوه فيما عدا القرآن كابن خويز منداد من المالكية وابن القاص من الشافعية، وهو قول أهل الظاهر، يقولون بالمجاز في غير القرآن، وأما القرآن فلا مجاز فيه.
ونفاه مطلقاً في القرآن والسنة وفي الكلام العادي آخرون كأبي إسحاق الاسفراييني وأبي علي الفارسي، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وسمى المجاز طاغوت.
ورد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- على من يقول بالمجاز بكلام طويل في مذكرته الأصولية وفي رسالةٍ خاصة في ذلك.
وبيّن شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- أن هذا التقسيم مخترع حادث بعد القرون المفضلة؛ لم يتكلم به أحد من الصحابة والتابعين، ولا أحد من الأئمة ولا علماء اللغة، ما تكلم به أحد.
هل نقول هذا اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح؛ كغيره من التقسيمات الموجودة في العلوم الأخرى؟