عرفنا أن جماعة الإخوان لا يفرقون بين أفراد هذه الجماعة، وليس لهم شرط في المعتقد، يعني لم يعتمدوا على أهل السنة والجماعة اعتماداً كلياً، بل فيهم من ينتسب إلى أهل السنة والجماعة، وفيهم من ينتسب إلى الأشاعرة، وفيهم من ينتسب إلى المعتزلة، وفيهم من طوائف البدع من فيهم، فجماعة الإخوان أعم من أن يكونوا مبتدعة أو أهل سنة، وكل شخص يحكم عليه بمفرده، فهي جماعة تنظيمية، وإن كنا لا نؤيد مثل هذه التنظيمات، لكنه تنظيم وجد وانضوى تحت هذا التنظيم من ينتسب إلى مذهب أهل السنة، ولا يخرج عن كونه من أهل السنة لانتمائه إلى هذه الجماعة؛ لأنه ليس لها اسم معين، أو ضابط يضبطهم، هم لا يلزمون أحد بمعتقد معين، لا يقولون: أنت سني لا بد أن تعتنق مذهب الأشاعرة وتدخل معنا، أو تدخل مذهب المعتزلة وتدخل معنا، هي مجرد جماعة تنظيمية تجمع السني والمبتدع كما ذكرنا، لكن على الإنسان لا سيما في مثل هذه الأوقات التي توالت فيها الفتن والمحن أن يعتصم بالكتاب والسنة، وأن يلتف حول أهل العلم المحققين المعروفين بالعلم والعمل والورع والتقوى، ويترك عنه هذه الجماعات، لا جماعة إخوان، لا جماعة تبليغ، لا جماعة يمين ولا شمال، يعتصم بالكتاب والسنة؛ ففيهما المخرج من هذه الفتن الباطنة والظاهرة، وبعض الناس قد لا يشهد في واقعه فتن؛ قد يكون مفتون في قلبه، المفتون في الرجل، المفتون في أهله وماله، فتنة الرجل في جاره، الفتن كثيرة منها ما ظهر ومنها ما بطن، فنعوذ بالله من الفتن كلها صغيرها وكبيرها خفيها وظاهرها، والله المستعان.

يقول:

قال حمار الحكيم يوماً ... لو أنصفوني لكنت أركب

وهنا الذي ذكرناه وهو في أكثر المصادر: لو أنصف الدهر، ومعروف أن الشعراء ينسبون إلى الدهر الشيء الكثير من هذا، ودواوينهم مشحونة بمثل هذه المخالفة، لكن كأن هذا تعديل للبيت من قبل بعض أهل التحري الذي لا يريد أن ينطق ولو ناقل ولو آثر من غيره بالمخالفة، كأن هذا تعديل وإلا فالأصل: لو أنصف الدهر، وهذه المخالفة نبهنا عليها سابقاً، ولا يقول قائل إن هذه مقالة حمار وهو غير مكلف، كما نبهنا سابقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015