على كل حال تخصيص علي -رضي الله عنه- بمثل هذه العبارة، أو بمثل قول بعضهم: -عليه السلام- كل هذا لا يليق ولا يسوغ، فالترضي عن الصحابة هو الجادة عند أهل العلم، وهم على حدٍ سواء، كما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خص بالصلاة والسلام فلا يقال له: عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً، لكن العرف عند أهل العلم جرى على ذلك، فالله -سبحانه وتعالى- يقال: عز وجل، ولا يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام- وإن كان عزيزاً جليلاً: عز وجل، وإنما يقال: صلى الله عليه وسلم، وبهذا يحصل الامتثال، امتثال الأمر الوارد في قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]، فإن زيد على ذلك فليقل: صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، أما الاقتصار على الآل فهو من عمل بعض المبتدعة، وهذا مشبه لعمل بعض المبتدعة، والاقتصار على الصحب دون الآل فيه مشابهة لمبتدعة آخرين، فإذا زيد على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلتكن الزيادة للآل والصحب معاً، ولكلٍ حقه، فالآل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاعتراف بحقهم وفضلهم، والصحابة فضلهم وصيانتهم وحفظهم وتبليغهم للدين معروف، فلا نشبه الروافض ولا نشبه النواصب، فإذا زدنا على ما نخرج به من العهدة فلتكن الزيادة للآل والصحب معاً؛ لنبتعد عن مشابهة المبتدعة الذين هم على طرفي نقيض.
وما جاء في التشهد -الصلاة الإبراهيمية- هذا خاص بالصلاة، وأما خارج الصلاة فتبرأ الذمة ويخرج الإنسان من العهدة إذا قال: صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مأمور بذلك، وأما الاقتصار على الصلاة دون السلام والعكس فقد نص النووي على كراهة ذلك، نص النووي على كراهة الاقتصار على الصلاة دون السلام أو العكس في مقدمة شرح مسلم، لكن خصّ ابن حجر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني طول عمره يصلي ولا يسلم أو يسلم ولا يصلي، أما من كان يصلي أحياناً، ويسلم أحياناً، ويجمع بينهما أحياناً، فهذا لا كراهة بالنسبة له، والاقتصار على الصلاة دون السلام موجود في كلام كثير من أهل العلم، في مقدمة مسلم وفي كثيرٍ من كتب الشافعي -رحمه الله- حتى النووي نفسه -رحمه الله- في بعض كتبه صلى ولم يسلم.