كل على أصله في هذه المسألة، نعم الورع، الورع كونك ما تدخل في جوفك إلا شيئاً تجزم بحله، هذا شيء، نعم، هذا أمر ثاني، يعني الورع حمل كثير من السلف أن يتركوا المباح خشية أن يقعوا في المحظور، فضلاً عن المختلف فيه.
أقول: ومثاله ما يوجد على ظهر الأرض من نباتات مما لا ضرر فيه، هل يباح أكله قبل الوقوف على دليل يبيحه؟ أو يمتنع من أكله حتى يوجد دليل على الإباحة؟ وكل على أصله، والمختار يعني من باب التوسعة، ويسر الدين وسماحته، صار عند جمع من أهل العلم -وهم الأكثر- أن الأصل فيما ينتفع به والأشياء النافعة الجواز؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [(29) سورة البقرة]، وهذا ذكره الله -جل وعلا- في معرض الامتنان، ولا يمتن إلا بجائز.
وأما بالنسبة لما يضر، فالأصل فيها التحريم لعموم حديث: ((لا ضرر ولا ضرار))، لعموم: ((لا ضرر ولا ضرار))، وأظن كررنا مراراً التمثيل بالسقنقور، نعم، مثلنا به مراراً، فلا داعي لتكراره.
المقصود أن المسألة واضحة ومتصورة، فلا أحد يمنعك من أن تأكل ما لا يضر، ولو لم تجد دليلاً يدل على إباحته، ما لم يكن ضاراً، أو يكون داخلاً في عموم ما ينهى عنه، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
حتى بعد البعثة، لكن بعد البعثة، بعد البعثة قبل ورود الدليل الذي يدل عليه.
طالب: لكن بعد ثبوت الأدلة المفيدة أن الأصل الإباحة، هل هناك من قال. . . . . . . . .؟
إيه إيه، الأصل في الأعيان المنتفع بها بعد ورود الشرع، كل على أصله، تدري أن بعض الناس يقعد قواعد في الأطعمة، الأصل الإباحة، بعضهم يقول: الأصل المنع، نعم، عندهم يختلفون فيها، ولذا يقول بعضهم: لا حرام ما حرمه الله، ومنهم من يقول: لا حلال إلا ما أباحه الله.
هنا يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
لا حكم قبل بعثة الرسول ... بل بعدها بمقتضى الدليل
والأصل في الأشياء قبل الشرع ... تحريمها لا بعد حكم شرعي
بل ما أحل الشرع حللناه ... وما نهانا عنه حرمناه
وحيث لم نجد دليل حلّ ... شرعاً تمسكنا بحكم الأصل
مستصحبين الأصل لا سواه ... وقال قوم ضد ما قلناه
أي أصله التحليل إلا ما ورد ... تحريمها في شرعنا فلا يرد