مثل أهل الظاهر الذين لا يرون القياس كيف يتصرفون في كثير من المسائل والنوازل غير المنصوصة؟ لأنهم يطلبون الدليل -يطلبون النص- في كل مسألة، لذا جاء من يشنع عليهم، هم شنعوا على أهل الرأي، حتى قال ابن حزم في بعض المسائل في إمام من أئمة المسلمين: وبهذا قال فلان، وهو لا يساوي رجيع الكلب، يشنع على الأئمة؛ لأنهم يقيسون، وكما تدين تدان، كما تدين تدان، وبهذا قال مالك، فأين الدين، يقول ابن حزم: وهذا قول من لا يؤمن بيوم الحساب، وإلى آخره من الكلام اللي في حق الأئمة شنيع نعم، وجد من أهل الفقه من يسترسل في الأقيسة، يسترسل في الأقيسة ويغرق في الاستنباط بواسطتها حتى طغى ذلك على الاستدلال بالنصوص، وشغلهم ذلك عن حفظ النصوص وفهمها، وجد، هذا غلو في القياس، لكن في المقابل وجد غلو -لا أقول: في اتباع النص؛ لأنه الأصل إنما إحمال الأقيسة التي أومأ الشارع إلى اعتبارها على ما سيأتي.
يعني سمعنا ما قاله ابن حزم في بعض الأئمة، وانظر ما قاله بعضهم في ابن حزم مثلاً، أو في أهل الظاهر.
هنا في عارضة الأحوذي لابن العربي يقول: "والحكمة في أن ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الفضة والتضبيب وتقدير الواجب وترك ذكر الذهب؛ لأن تجارتهم إنما كانت في الفضة خاصة معظمها، فوقع التنصيص على المعظم؛ ليدل على الباقي": لأنه إذا منع استعمال أواني الفضة فلأن تمنع استعمال أواني الذهب يعني من باب أولى، وأهل الظاهر عندهم المنصوص.
يقول: "فوقع التنصيص على المعظم ليدل على الباقي": العارضة ممسوخة محرفة، طباعتها في غاية السوء، ومع ذلكم مفاد كلامه، وكانوا أفهم أمة وأعلمها -يعني الصحابة- فلما جاء الحمير"، شوف أيش يقول: فلما جاء الحمير الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير طمس الله عليهم باب الهدى، وخرجوا عن زمرة من استن بالسلف واهتدى!!
يا إخوان: الشطط لا بد له من ردة فعل، لا بد من التطرف لوجود طرف آخر، فإذا وجد إغراق في باب لا بد أن يوجد في المقابل من يقاوم من يقول بهذا القول.