ما ينفع إحنا بالتحديث الآن، هو يقول: من حدثني، ما قال من أخبرني، يقول: من حدثني بقدوم فلان فهو حر، جاء واحد وكتب له خطاباً أنه قدم فلان، ما يعتق، لكن لو قال: من أخبرني بقدوم فلان، فأخبره بكتابة، أو بنصب علامة، أو بشيء، خلاص يعتق؛ لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث، فهم يقولون: يختص التحديث والسماع بطريق السماع من لفظ الشيخ، وأما الإخبار فباعتبار دائرته أوسع فيخصص للعرض على الشيخ والقراءة عليه، وكثير من أهل العلم يعتني بالتفريق بين صيغ الأداء الصادرة عن الشيوخ عناية فائقة، فيجعل هذا لهذا وهذا لذاك، ومنهم من لا يفرق.

فتجد مسلماً وله عناية فائقة في التفريق بين هذه الصيغ، يقول: حدثنا فلان، وفلان وفلان، قال فلان: حدثنا، وقال الآخرون: أخبرنا، أو العكس، فهو يهتم بذلك، لكن مثل إسحاق -رحمه الله- ابن راهوية- ما يقول: حدثنا أبداً، سواءً سمع أو قرأ ما يقولها؛ يلزم صيغة أخبرنا.

البخاري -رحمه الله تعالى- مع جمع من أهل العلم لا يرون التفريق فيؤدي بأي صيغة تفيد المراد، لكن أهل الاصطلاح خصوا التحديث بالسماع من لفظ الشيخ، والإخبار بالقراءة على الشيخ، والمسألة اصطلاحية.

وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول: حدثني وأخبرني، وإن قرأ هو على الشيخ فيقول: أخبرني، ولا يقول: حدثني: لأنه لم يشافهه.

وإن أجازه الشيخُ من غير قراءة أو من غير رواية -كما في نسختي- فيقول: أجازني أو أخبرني إجازة: إذا أجازه، جاء الشيخَ -الطالبُ للشيخ- وقال: أريد منك أن تجيزني برواية صحيح البخاري، أو بالحديث الفلاني، فقال: أجزتك أن تروي عني صحيح البخاري، أو الحديث الفلاني.

والإجازة: هي الإذن بالرواية، الإذن بالرواية، فلا الطالب سمع من لفظ الشيخ، ولا الطالب أيضاً قرأ على الشيخ؛ ما فيه تحديث أصلاً، بس قال له: اروِ عني صحيح البخاري، الإذن بالرواية، هذه الإجازة؛ إذن، وجمهور أهل العلم على صحة الرواية بالإجازة؛ والداعي إليها كثرة الطلاب وتباين الأقطار وتباعدها، ويحصل المشقة الشديدة لو حصرت الرواية بالسماع أو العرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015