والقول الثاني: وهو القول القديم للإمام الشافعي ورواية عن أحمد أنه حجة، وبهذا قال جمع من أهل العلم؛ لأن الصحابة الذين عاصروا التنزيل وعاشوا مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وعرفوا المقاصد من قرب، وأثنى عليهم الله -جل وعلا- في كتابه، وأثنى عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- في سنته هم أولى بالإصابة من غيرهم، هم أولى بالإصابة من غيرهم، والمسألة مفترضة فيما لا نص فيه، أما ما فيه نص فالعمدة النص، فإذا تجردت المسألة عن النص، فعلى القول الثاني قبول قول الصحابي أولى من اجتهاد غيره من التابعين فمن دونهم.
من أهل العلم من يرى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين؛ يستدل هؤلاء بحديث: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) إلى آخر الحديث.
وهناك قول رابع في المسألة: وهو أن الحجة في قول أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- لحديث: ((اقتدوا باللذين من بعدي)).
ويستدل أصحاب القول الثاني بما ذكرنا من أن اجتهاد الصحابي الذي عاصر التنزيل، وعرف المقاصد من قرب، وعايش النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله أولى بالإصابة من قول غيره؛ ويستدل بعضهم لهذا القول بحديث: ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) [هذا ضعيف باتفاق الحفاظ، فلا حجة فيه].
عرفنا القول بعدم الاحتجاج بقول الصحابي بعد أن حررنا محل النزاع، عدم الاحتجاج به وهو قول الشافعي في الجديد ورواية عن الإمام أحمد.
القول الثاني: وهو الاحتجاج به فيما خلا من النصوص، في المسائل التي خلت من النصوص ولما ذكرنا، وأيضاً رواية عن الإمام أحمد، وهو القول القديم للإمام الشافعي، ونصره ابن القيم في إعلام الموقعين، وهناك من يقول: الحجة في قول الخلفاء الراشدين؛ للأمر بالأخذ بسنتهم.
ومن أهل العلم من يقصر الحجية في قول أبي بكر وعمر لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اقتدوا باللذين من بعدي)).
المقصود أن المسألة خلافية، والأصل أن الحجة والعمدة في الدين على الكتاب والسنة، لكن إذا افترضنا مسألة ما فيها شيء من النصوص لا من الكتاب ولا السنة، وجدنا فيها قول صحابي، هل نعمل بقول هذا الصحابي؟