الأول: اعتبار قول من ولد في عصر المجمعين وبلغ رتبة الاجتهاد في حياتهم أو في حياة بعضهم، فله أن يخالف ولا يعد مخالفاً للإجماع؛ لأنه لم ينعقد؛ لأنه ما انقرض العصر، ما مات جميع المجتهدين بقي بعضهم، ولد من تفقه ووصل إلى درجة الاجتهاد ثم خالفهم، ذا في الحقيقة العصر استوعب الإجماع السابق ومن لحق بهم فيما بعد ووجد منه الخلاف، هذه ثمرة الخلاف.
فإذا قلنا: إنه يشترط انقراض العصر اعتددنا بقول المخالف، وإن جاء بعدهم، يعني ممن ولد في حياتهم، وإذا قلنا بعدم الاشتراط، إذا قلنا بعدم الاشتراط لم نعتدد، نعم، وإذا قلنا بالاشتراط اعتددنا به.
الفائدة والثمرة الثانية: أن للمجمعين أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه، ولا يعد ذلك نقضاً للإجماع؛ لأنه لم يستقر، ومعروف أن رجوعهم إنما هو إلى الحق، يعني المسألة مفترضة في أئمة، في علماء مجتهدين ومعول عليهم في بيان الحلال والحرام، لا يكون رجوعهم عن هوى أو تحت ضغط أو تأثير؛ هذا لا عبرة به، لكن المسألة مفترضة في علماء أئمة تجردوا للدين ولنصره وبيان ما أمروا ببيانه من الشرع، للمجمعين أن يرجعوا عن الحكم الذي أجمعوا عليه، ولا يعد ذلك نقضاً للإجماع؛ لأنه لم يستقر، وعلى القول الأول ليس لأحدهم أن يرجع بعد حصول الاتفاق.
ثم قال -رحمه الله تعالى-:
طالب: القول الثاني يكون. . . . . . . . . قد يوجد مخالف ما دام ما انقضى العصر؟
الاحتمال أنه يوجد بعدهم مخالف، على كل حال القول الصحيح أنه لا يشترط.
والإجماع يصح بقولهم: يعني بقول العلماء المجتهدين، وبفعلهم: أيضاً، وبقول البعض وبفعل البعض، وانتشار ذلك: القول وسكوت الباقين عنه -هذا كلام المؤلف- والإجماع يصح بقولهم وبفعلهم، وبقول البعض، وبفعل البعض وانتشار القول أو الفعل وسكوت الباقين: عنه يعني أن الإجماع يصح بقول المجتهدين في حكم من الأحكام أنه حلال أو حرام، أو واجب أو مندوب، أو غير ذلك، وهذا هو الإجماع القولي المعتد به عند أهل العلم.
وأما الثاني وهو الذي يسمى بالإجماع السكوتي، ويكون بقول البعض أو فعل البعض، وانتشار ذلك القول أو الفعل وسكوت الباقين عليه، ويسمى الإجماع السكوتي، والعلماء يختلفون في حجيته ولزوم العمل به.