إذا تعارض نطقان أحدهما عام والآخر خاص، يعني عموم وخصوص كلي، حينئذ يخص العام بالخاص، ولذا يقول: وإن كان أحدهما عاماً والآخر خاصاً فيخصّ العام بالخاص: مثلوا لذلك بحديث ((فيما سقت السماء العشر))، ((فيما سقت السماء العشر)) [الحديث متفق عليه]: وهو عام في القليل والكثير مما تخرجه الأرض، يخصصه حديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) [وهو أيضاً متفق عليه]
من أمثلته: قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة]: السارق: جنس يطلق على من أخذ من مال غيره خفية، حتى قال بعضهم: من حرز، لا يعني أن هذا الكلام .. ، أن الحرز ليس بشرط، لا، شرط، لكن قال بعضهم: إن الحرز يؤخذ من لفظ السرقة، السرقة يقولون: من مفهومها الأخذ بخفية من حرز، لكن ليس من مفهومها النصاب، فالمسروق يشمل القليل والكثير، يخصصه حديث: ((لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً)) هذا خاص لما يبلغ النصاب.
الحالة الرابعة: وهي التي تحتاج إلى مزيد بحث وعناية وانتباه، وهي فيما إذا كان التعارض بين نصين بينهما عموم وخصوص وجهي.
يقول: وإن كان كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: هذه آخر الصور، وهي أعقدها، فتحتاج إلى مزيد انتباه، نعم عرضنا لها في مناسبات كثيرة، ومثلنا لها ونظَّرنا، لكنها تحتاج إلى مزيد انتباه؛ لأنها من أعقد مسائل الأصول.
أيش يقول المؤلف؟
وإن كان كل واحد منهما عاماً من وجه وخاصاً من وجه، فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر: عندنا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]، هذا عام في كل متوفىً عنها، سواءً كانت حاملاً أو غير حامل، سواءً كانت حاملاً أو حائلاً، لكنه خاص بالمتوفى عنها.
عموم هذه الآية في شمولها كل متوفىً عنها من حامل وحائل، وخصوص هذه الآية يكمن في كون هذه المرأة متوفىً عنها لا غير.