إذن لو نتأمل في النصين عرفنا أيضاً أن النص الثاني فيه عموم وإلا ما فيه عموم بالنسبة للآية الأولى؟ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}: هذا عام في كل مطلقة مدخول بها وغير مدخول بها، لكنه من وجه آخر خاص بذوات الأقراء، بذوات الأقراء اللوات يحضن.
الآية الثانية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}: هذا خاص بغير المدخول بها، لكنه يشمل ذات الأقراء والصغيرة والآيسة، لكن هل هذا الخصوص له أثر أو ليس له أثر؟ عموم الآية الثانية له أثر وإلا ما له أثر؟
ليس له أثر؛ لأنه ليس لها عدة، ليس عليها عدة أصلاً، فكيف ننظر فيها هل هي ذات أقراء أو آيسة أو صغيرة، هي ليس عليها عدة أصلاً، فلعدم اعتبار ذلك العموم وعدم ترتب الأثر عليه لم ينظر إليهن، وحكموا بأن الآية بين الآيتين عموم وخصوص مطلق.
جمهور الأصوليين على تخصيص العام مطلقاً، على تخصيص العام في الخاص مطلقاً سواءً علم تقدم العام أو الخاص أو جهل التاريخ، سواءً علم تقدم العام أو الخاص أو جهل التاريخ.
وقال أبو حنيفة وإمام الحرمين -مؤلف الورقات-: إن عُلم التاريخ وكان الخاص متأخراً خصص به العام، وإن كان العام متأخراً نسخ الخاص، وإن جهل التاريخ تساقطا في موضع المقابلة؛ لاحتمال تأخر العام فيكون ناسخاً للخاص، فيكون مخصصاً للعام، فيتوقف في محل الخاص ويتطلب دليل آخر، أيش معنى هذا الكلام؟
إذا تقدم العام وتأخر الخاص، فيه مشكلة؟