من شرطه أن يكون متصلاً بالكلام إما حقيقة أو حكماً: فالأول: أعتق العبيد إلا زيداً، هذا متصل بالكلام حقيقة، الثاني: أن يحصل فاصل اضطراري يضطره إلى أن يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بحيث لا يستطيع دفعه، كالسعال والعطاس، وما أشبه ذلك.
ولذا حينما يشترطون أن تكون الآيات في الفاتحة متتابعة على الهيئة المشروعة لو حصل فاصل اضطراري مثل هذا فهي متصلة حكماً، وعلى هذا فإن حصل فاصل بينهما من سكوت بطل الاستثناء عند الجمهور، وقيل: يصح مع السكوت أو الفاصل إذا كان الكلامُ واحداً، كحديث ابن عباس حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في فتح مكة في بيان حرمة مكة: ((إن الله -سبحانه وتعالى- حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض))، وقال في ذلك: ((لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه))، فقال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر؛ فإنه لقينهم وبيوتهم"، فقال: ((إلا الإذخر)). ومثله الاستثناء في قصة سليمان -عليه السلام- لما قال له الملك: "قل: إن شاء الله".
وهنا لما قال العباس: "يا رسول الله، إلا الإذخر"، هل كان في بال النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الاستثناء؟ هل كان في باله الاستثناء؟ وهل له -عليه الصلاة والسلام- أن يستجيب لطلب أحد لحكم شرعي؟ أو نقول كما قال بعضهم: إنه نزل الوحي حالاً بتأييد قول العباس، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر))، أو نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد وأقر على هذا الاجتهاد في وقته؟
الذي يسمع هذا الكلام يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لُقِّن الاستثناء، وقبل هذا التلقين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟