يعني إذا نظرنا إلى جملة من الفروع وجدناها تنطوي أو تنضوي تحت أصلٍ واحد فاستنبطنا هذا الأصل من مجموع هذه الفروع، وهذا ما يعرف بالقواعد الأصولية، أو أن هذه الفروع مأخوذة من تلك الأصول؟ أو كل واحد مأخوذ من الثاني فيلزم عليه الدور؟

يعني مقتضى تسميتهم هذا العلم علم الأصول أن الفروع مأخوذة من هذه الأصول، وهو مقتضى الوجود، وأن هذا العلم وجد بعد معرفة الأحكام وتصور الأحكام، قلنا، أو قال بعضهم: إن هذا العلم مستمد من الأحكام الشرعية، نعم، لو قلنا: إن كل واحد مستمد من الثاني قلنا: يلزم عليه الدور، قلنا: يلزم عليه الدور.

لا شك أن المسائل والأحكام الشرعية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذا العلم -أعني علم الأصول- يعين على فهم الكتاب والسنة الذَيْنِ تستمد وتستنبط منهما الأحكام.

حكمه: حكم هذا العلم فرض كفاية، حكم تعلم هذا العلم فرض كفاية؛ كغيره من العلوم الشرعية، وقد يتعيّن على بعض الأشخاص إذا لم يوجد غيره ممن يستطيع القيام به ممن ينوء بهذا العلم، قد يتعين على بعض الأشخاص؛ لأن فروض الكفاية إذا لم يقم بها أحد أثم الناس، وإذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

مسائل هذا العلم: مباحثه وقضاياه التي تذكر في كتبه مما يحتاج إليه.

ثم قال في البيت الأخير:

والبعض بالبعض اكتفى: يعني أن بعض الناس اكتفى ببعض هذه المبادئ، لكن من درى الجميع حاز الشرفا: كذا قيل، ويحتمل أن يكون المعنى: أن بعض الناس اكتفى ببعض مسائل العلم، بعض الناس اكتفى ببعض مسائل العلم دون بعض، أو ببعض العلوم دون بعض، ومن درى وعرف الجميع حاز من المسائل العلمية أو من العلوم .. ، قد حاز الشرف في الدنيا والآخرة، والأجر والثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني -رحمه الله-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015