يشاحح في اصطلاحه؛ لأن هذا يخالف النصوص الشرعية، يخالف ما تقرر في علم الفرائض، وغير ذلك من الولايات التي هي للعصبة دون ذوي الأرحام، هذا مخالف لما تقرر في الشرع، لو قال: أهل بلدي يسمون أبا الزوجة خالاً وأنا أسميه عمَّاً أو العكس، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح؟ أبو الزوجة سواء سمي خالاً أو عماً فيه فرق؟ لا مشاحة في الاصطلاح.

ولذا لما قسم البغوي -رحمه الله تعالى- كتابه المصابيح إلى الصحاح والحسان نوزع في اصطلاحه؛ لأنه يخالف ما تقرر في علوم الحديث؛ لأن في السنن ما هو صحيح، وفي السنن ما هو ضعيف، وقاعدته أن ما كان في الصحيحين فهو من الصحاح، وما كان من السنن فهو من الحسان، فهذه القاعدة مما ينبغي تقييدها، فلا تطلق:

والبغوي قسم المصابحَ ... إلى الصحاح والحسان جانحَا

أن الحسان ما رووه في السنن ... رد عليه بهما غير الحسن

فإذا خالف الاصطلاح ما تقرر شرعاً أو ما اتفق عليه أهل علم من العلوم فإنه يشاحح فيه.

استمداد هذا العلم: قالوا لثلاثة أشياء، في كتب الأصول يقولون: يستمد من اللغة العربية، وعلم الكلام، وتصور الأحكام، كيف يستمد من هذه العلوم؟ هم جعلوا علم الكلام من مصادر هذا العلم، من أي وجه؟ ما علاقة علم الكلام بعلم الأصول؟

الذين أقحموا علم الكلام في الأصول وملؤوا كتب الأصول بكثيرٍ من مباحث المنطق، بل بعضهم خصص المقدمة لعلم المنطق ليستعين بها على فهم ما سيأتي، وما سيرد في الكتاب من مباحث علم الكلام، هذا لا شك أنه أساء.

إذنً كيف يستمد علم الأصول من علم الكلام ونحن نقول: استمداده من علم التوحيد، ومن أي وجه يستمد علم الأصول من علم التوحيد؟

قالوا: لتوقف تصديق دلالة الأدلة الشرعية على معرفة الله -عز وجل- وعلى تصديق المبلغ عنه، وأيضاً يستمد هذا العلم من اللغة العربية؛ لأنها لغة الكتاب والسنة، فالاستدلال بهما يتوقف على فهم معانيهما، وبعض الناس يقلل من شأن اللغة العربية بالنسبة لطالب العلم الشرعي، وهو لا يعرف أن بعض المسائل التي اختلف فيها أهل العلم سبب الخلاف فيها الخلاف في إعرابها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015