قال المصنف رحمه الله: [وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27]].
المقصود بذكر وجهه سبحانه وتعالى: أنه يبقى ربك، وهذا ليس من التأويل، والوجه يذكر في اللغة ويراد به الجهة، ويذكر في اللغة ويراد به الصفة، ويذكر في اللغة ويراد به الذات، ولهذا مقصود قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) بقاؤه سبحانه وتعالى.
وإذا قيل: إن المقصود بقاؤه، فليس معنى هذا أننا فسرنا الوجه بالذات ولم نفسره بالصفة، بل تفسيره ببقائه سبحانه وتعالى هو إثبات لذاته وإثبات لصفته، ولهذا إذا قيل: ما معنى قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ)؟ قيل معناها: ويبقى ربك، فإذا قيل: هل هذه الآية دليل على إثبات صفة الوجه له؟ فالجواب: نعم.
وأما قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] فالمراد الجهة.
والآية تدل كذلك على إثبات الوجه، فإن القاعدة: [أن ما صح ذكره على المعنى الذي يسميه المتأخرون مجازاً، وهو المعنى المشترك، فلا بد أنه منقول بالحقيقة من جهة الأصل].
ولهذا جعل أهل السنة من أدلة صفة اليدين قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة:64] مع أن السياق لم يأتِ على ذكر الصفة من أصلها.
قال المصنف رحمه الله: [وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88]].
ومعنى هذه الآية كمعنى الآية السابقة أي: كل شيء هالك إلا هو سبحانه وتعالى، وفيها إثبات لصفة الوجه.