الأصل السادس: الإيمان بأن العباد لهم إرادة ومشيئة قائمة بهم، ولها اختصاص من جهة وجود الفعل من عدمه، أي: أنها إرادة مؤثرة في وجود الفعل وعدمه، ولو لم توجد هذه الإرادة من العبد لما وجد فعله، ففعل العبد هنا ماهية مركبة من إرادته وحركته.
ولهذا إذا قيل: فعل العبد هل هو متعلق بإرادته؟ قيل: ما هو الفعل؟ فإنك إذا رجعت إلى العقل وجدت أنه يفرض أن الفعل شيء مستقل، ولكن فرض العقل ليس معتبراً، أما إذا رجعت إلى تصور العقل؛ فإنك تجد أن العقل لا يتصور الفعل إلا ماهيةً مركبةً من الإرادة والحركة، ولهذا يمتنع وجود الحركة من غير إرادة؛ إلا إذا كانت الحركة حركة اضطرارية؛ كحركة النائم مثلاً؛ على رغم أن البعض جعل للنائم إرادة تناسب حاله في النوم.
والمقصود: أن الأفعال التي هي مناط العباد وما يتعلق بتكليفهم، هي جميعها متعلقة بإرادتهم ومشيئتهم، والعبد إرادته هذه مؤثرة في وجود الفعل من عدمه؛ لأنها من ماهيته فعلاً، ولكن هذه الإرادة وإن كانت مختصة من جهة تعلقها بفعل العبد أو عدمه، إلا أنها ليست مستقلة بالتأثير، بل تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله هو الخالق للعباد، وهو الخالق لإرادتهم ومشيتئهم.