تشهد بن مَسْعُودٍ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَشَدُّ صِحَّةً وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ صَحِيحًا وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَشَهُّدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ عَلَّمَهُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى تَفْضِيلِهِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَى آخِرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّشَهُّدِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ سُنَّةٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَائِفَةٌ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالْأَخِيرُ وَاجِبٌ وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ هُمَا وَاجِبَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَاجِبٌ وَالثَّانِي فَرْضٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ هُمَا سُنَّتَانِ وَعَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ بِوُجُوبِ الْأَخِيرِ وَقَدْ وَافَقَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ التَّشَهُّدَ عَلَى وُجُوبِ الْقُعُودِ بِقَدْرِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَفِيهِ لَفْظَةُ التَّشَهُّدِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلنُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ السَّالِمُ من النقائص وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ وَمِنَ الشَّرِيكِ وَالنِّدِّ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ أَوْلِيَاءَهُ وَقِيلَ الْمُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَمَّا التَّحِيَّاتُ فَجَمْعُ تَحِيَّةٍ وَهِيَ الْمِلْكُ وَقِيلَ الْبَقَاءُ وَقِيلَ الْعَظَمَةُ وَقِيلَ الْحَيَاةُ وَإِنَّمَا قِيلَ التَّحِيَّاتُ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ مُلُوكَ الْعَرَبِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُحَيِّيهِ أَصْحَابُهُ بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ فَقِيلَ جَمِيعُ تَحِيَّاتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَقِيقَةً وَالْمُبَارَكَاتُ وَالزَّاكِيَاتُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْبَرَكَةُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَقِيلَ النَّمَاءُ وَكَذَا الزَّكَاةُ أَصْلُهَا النَّمَاءُ وَالصَّلَوَاتُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِيلَ الدَّعَوَاتُ وَالتَّضَرُّعُ وَقِيلَ الرَّحْمَةُ أَيِ اللَّهُ الْمُتَفَضِّلُ بِهَا وَالطَّيِّبَاتُ أَيِ الكلمات الطيبات وقوله في حديث بن عَبَّاسٍ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ والصلوات والطيبات كما في حديث بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ حُذِفَتِ الْوَاوُ اخْتِصَارًا وَهُوَ جَائِزٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ التَّحِيَّاتِ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تَصْلُحُ حَقِيقَتُهَا لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ (السَّلَامُ عَلَيْكَ