الصُّورَةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يَرَاهُ جَمِيعُهُمْ وَقَدْ قَامَتْ دَلَائِلُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقَ لَا يَرَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يرفعون رؤسهم وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ صُورَتِهِ بِالْهَاءِ فِي آخِرهَا وَوَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهَا فِي صُورَةٍ بِغَيْرِ هَاءٍ وَكَذَا هُوَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْحَقِّ وَمَعْنَاهُ وَقَدْ أَزَالَ الْمَانِعَ لَهُمْ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَتَجَلَّى لَهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ) الْجِسْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَهُوَ الصِّرَاطُ وَمَعْنَى تَحِلُّ الشَّفَاعَةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِضَمِّهَا أَيْ تَقَعُ وَيُؤْذَنُ فِيهَا قَوْلُهُ (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجِسْرُ قَالَ دَحْضٌ مَزَلَّةٌ) هُوَ بِتَنْوِينِ دحض وداله مفتوحة والحاء ساكنة ومزلة بِفَتْحِ الْمِيمِ وَفِي الزَّايِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالدَّحْضُ وَالْمَزَلَّةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَلَا تَسْتَقِرُّ وَمِنْهُ دحضت الشمس أى مالت وحجة داحضة لاثبات لَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكٌ) أَمَّا الْخَطَاطِيفُ فَجَمْعُ خُطَّافٍ بِضَمِّ الْخَاءِ فِي الْمُفْرَدِ وَالْكَلَالِيبُ بِمَعْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا وَأَمَّا الْحَسَكُ فَبِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ شَوْكٌ صُلْبٌ مِنْ حَدِيدٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ ثلاثة أقسام قسم يسلم فلا يناله شئ أَصْلًا وَقِسْمٌ يُخْدَشُ ثُمَّ يُرْسَلُ فَيُخَلَّصُ وَقِسْمٌ يُكَرْدَسُ وَيُلْقَى فَيَسْقُطُ فِي جَهَنَّمَ وَأَمَّا مَكْدُوسٌ فَهُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَكَذَا نَقَلَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015