الْأَرْضِ فَإِنْ سُلِّمَ لَهُ هَذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَمَعْنَاهُ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الْكَبَائِرُ الَّتِي تُهْلِكُ أَصْحَابَهَا وَتُورِدُهُمُ النَّارَ وَتُقْحِمُهُمْ إِيَّاهَا وَالتَّقَحُّمُ الْوُقُوعُ فِي الْمَهَالِكِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ مَنْ مَاتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِاللَّهِ غُفِرَ لَهُ الْمُقْحِمَاتُ وَالْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِغُفْرَانِهَا أَنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا فَقَدْ تَقَرَّرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ عَذَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا خُصُوصًا مِنَ الْأُمَّةِ أَيْ يُغْفَرُ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ الْمُقْحِمَاتُ وَهَذَا يَظْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ لَفْظَةَ مِنْ لَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ مُطْلَقًا وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا تَقْتَضِيهِ فِي الْإِخْبَارِ وَإِنِ اقْتَضَتْهُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ كَوْنُهَا لِلْعُمُومِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْخُصُوصِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النصوص والاجماع والله أعلم