وقوله فقال بن عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذَا انْحَدَرَ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ كُلِّهَا إِذَا بِالْأَلِفِ بَعْدَ الذَّالِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ أَنْكَرَ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ وَغَلَّطَ رَاوِيهِ وَغَلَّطَهُ الْقَاضِي وَقَالَ هَذَا جَهْلٌ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ وَتَعَسُّفٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى التَّوَهُّمِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَعَدَمِ فَهْمٍ بِمَعَانِي الْكَلَامِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِذَا وَإِذْ هُنَا لِأَنَّهُ وَصْفُ حَالِهِ حِينَ انْحِدَارِهِ فِيمَا مَضَى
[167] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ) هُوَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ الرَّجُلُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي كَثْرَةِ اللَّحْمِ وَقِلَّتِهِ قَالَ الْقَاضِي لَكِنْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُضْطَرِبٌ وَهُوَ الطَّوِيلُ غَيْرُ الشَّدِيدِ وَهُوَ ضِدُّ جَعْدِ اللَّحْمِ مُكْتَنِزِهِ وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى أَصَحُّ يَعْنِي رِوَايَةَ ضَرْبٍ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حَسِبْتُهُ قَالَ مُضْطَرِبٌ فَقَدْ ضُعِّفَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لِلشَّكِّ وَمُخَالَفَةِ الْأُخْرَى الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا وفى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى جَسِيمٌ سَبِطٌ وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الطَّوِيلِ وَلَا يَتَأَوَّلُ جَسِيمٌ بِمَعْنَى سَمِينٍ لِأَنَّهُ ضِدُّ ضَرْبٍ وَهَذَا إِنَّمَا جَاءَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ تَضْعِيفِ رِوَايَةِ مُضْطَرِبٍ وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ ضَرْبٍ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الضَّرْبُ هُوَ الرجل الخفيف اللحم كذا قاله بن السِّكِّيتِ فِي الْإِصْلَاحِ وَصَاحِبُ الْمُجْمَلِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ لَا يُحْصَوْنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ