(باب ذكر الدجال قَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ الْكِتَابِ بَيَانُ اشْتِقَاقِهِ وَغَيْرِهِ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بَيَانُ تَسْمِيَتِهِ الْمَسِيحَ وَاشْتِقَاقُهُ وَالْخِلَافُ فِي ضَبْطِهِ قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ حُجَّةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ فِي صِحَّةِ وُجُودِهِ وَأَنَّهُ شَخْصٌ بِعَيْنِهِ ابْتَلَى اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَأَقْدَرَهُ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْ مَقْدُورَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ إِحْيَاءِ الْمَيِّتِ الَّذِي يَقْتُلُهُ وَمِنْ ظُهُورِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالْخِصْبِ مَعَهُ وَجَنَّتِهِ وَنَارِهِ وَنَهَرَيْهِ وَاتِّبَاعِ كُنُوزِ الْأَرْضِ لَهُ وَأَمْرِهِ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَالْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فَتُنْبِتَ فَيَقَعُ كُلُّ ذَلِكَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ ثُمَّ يُعْجِزُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذلك فلايقدر على قتل ذلك الرجل ولاغيره وَيُبْطِلُ أَمْرَهُ وَيَقْتُلُهُ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجَمِيعِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ وَأَبْطَلَ أَمْرَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَخِلَافًا لِلْبُخَارِيِّ الْمُعْتَزِلِيِّ وَمُوَافِقِيهِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَنَّهُ صَحِيحُ الْوُجُودِ وَلَكِنَّ الذى يدعى مخارف وخيالات لاحقائق لَهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يَوْثُقْ بِمُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ النبوة)