وَالشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالْعَمَلِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَنَّهُ يُظْهِرُ ذَلِكَ لِلْمَلَكِ وَيَأْمُرُهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَتِهِ وَإِلَّا فَقَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَعِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَوَاَلَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ إِلَخْ) الْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ التَّمْثِيلُ لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْتِهِ وَدُخُولِهِ عَقِبَهُ وَأَنَّ تِلْكَ الدَّارُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَصِلَهَا إِلَّا كَمَنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ ذِرَاعٌ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَعُ فِي نَادِرٍ مِنَ النَّاسِ لَا أَنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ ثُمَّ أَنَّهُ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ انْقِلَابُ النَّاسِ مِنَ الشَّرِّ إِلَى الْخَيْرِ فِي كَثْرَةٍ وَأَمَّا انْقِلَابُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ إِلَى الشَّرِّ فَفِي غَايَةِ النُّدُورِ وَنِهَايَةِ الْقِلَّةِ وَهُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وَغَلَبَتْ غَضَبِي وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنِ انْقَلَبَ إِلَى عَمَلِ النَّارِ بِكُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ لَكِنْ يَخْتَلِفَانِ فِي التَّخْلِيدِ وَعَدَمِهِ فَالْكَافِرُ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَالْعَاصِي الَّذِي مَاتَ مُوَحِّدًا لَا يُخَلَّدُ فِيهَا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِإِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَأَنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ الذنوب قبلها وأن من مات على شئ حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الْمَعَاصِي غَيْرَ الْكُفْرِ