سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ أَخْبَرَ بِأَكْمَلِ الْكَرَمِ وَأَعَمِّهِ فَقَالَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا كَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ وَكَثِيرَ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا وَصَاحِبَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الْآخِرَةِ فَلَمَّا قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ يُوسُفُ الَّذِي جَمَعَ خَيْرَاتِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا وَشَرَفَهُمَا فَلَمَّا قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُ فَهِمَ عَنْهُمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ قَالَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا وَمَعْنَاهُ أَنَّ أَصْحَابَ الْمُرُوءَاتِ وَمَكَارِمِ الأخلاق في الجاهلية اذا اسلموا وفقهوا فَهُمْ خِيَارُ النَّاسِ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ تَضَمَّنَ الْحَدِيثُ فِي الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْكَرَمَ كُلَّهُ عُمُومَهُ وَخُصُوصَهُ وَمُجْمَلَهُ وَمُبَانَهُ إِنَّمَا هُوَ الدِّينُ مِنَ التَّقْوَى وَالنُّبُوَّةِ وَالْإِعْرَاقِ فِيهَا وَالْإِسْلَامِ مَعَ الْفِقْهِ وَمَعْنَى مَعَادِنِ الْعَرَبِ أُصُولُهَا وَفَقُهُوا بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا أَيْ صَارُوا فُقَهَاءَ عَالَمِينَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
[2379] (كان زكريا نَجَّارًا) فِيهِ جَوَازُ الصَّنَائِعِ وَأَنَّ النِّجَارَةَ لَا تُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَأَنَّهَا صَنْعَةٌ فَاضِلَةٌ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِزَكَرِيَّاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ صَانِعًا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ كان يأكل من عمل يده وفي زكريا خَمْسُ لُغَاتٍ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَزَكَرِيُّ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَزَكَرٌ كَعَلَمٍ
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ مَوْجُودٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْمَعْرِفَةِ وَحِكَايَاتُهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ وَالْأَخْذِ عَنْهُ وَسُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَوُجُودِهِ فِي الْمَوَاضِعِ