قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فَلَمَّا عَلِمَ أَخْبَرَ بِهِ وَالثَّانِي قَالَهُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا وَالثَّالِثُ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ وَالرَّابِعُ إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ الْحَدِيثِ وَالْخَامِسُ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالتَّفْضِيلِ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ فَلَا تَفَاضُلَ فِيهَا وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِالْخَصَائِصِ وَفَضَائِلَ أُخْرَى وَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِقَادِ التَّفْضِيلِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بعضهم على بعض قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) إِنَّمَا ذَكَرَ الثَّانِي لِأَنَّهُ قَدْ يَشْفَعُ اثْنَانِ فَيَشْفَعُ الثَّانِي مِنْهُمَا قَبْلَ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَتَكْثِيرِهِ وَتَكْثِيرِ الطَّعَامِ هَذِهِ كُلُّهَا مُعْجِزَاتٌ ظَاهِرَاتٌ وُجِدَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى أَحْوَالٍ مُتَغَايِرَةٍ وَبَلَغَ مَجْمُوعُهَا التَّوَاتُرَ وَأَمَّا تَكْثِيرُ الْمَاءِ فَقَدْ صَحَّ من رواية أنس وبن مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَكَذَا تَكْثِيرُ الطَّعَامِ وُجِدَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى أَحْوَالٍ كَثِيرَةٍ وَصِفَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الرُّقَى بَيَانُ حَقِيقَةِ الْمُعْجِزَةِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَرَامَةِ وَسَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ تَكْثِيرِ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ
[2279] (فَأَتَى بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ لَهُ رَحْرَحٌ بِحَذْفِ الْأَلْفِ وَهُوَ الْوَاسِعُ الْقَصِيرُ الْجِدَارِ قَوْلُهُ (فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَفِي كَيْفِيَّةِ هَذَا النَّبْعِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي وغيره أحدهما ونقله القاضي عن المزتي وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ نَفْسِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْبُعُ مِنْ ذَاتِهَا قَالُوا وَهُوَ أَعْظَمُ فِي الْمُعْجِزَةِ مِنْ نَبْعِهِ مِنْ حَجَرٍ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَالثَّانِي يَحْتَمِلُ