ظَهَرَ مِنْ أَصْحَابَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَرَاهَةَ التَّحْكِيمِ فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ كَرَاهَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ الصُّلْحَ وَأَقْوَالِهِمْ فِي كَرَاهَتِهِ وَمَعَ هَذَا فَأَعْقَبَ خَيْرًا عَظِيمًا فَقَرَّرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَ أَنَّ إِرَادَتَهُمْ كَانَتْ مُنَاجَزَةَ كُفَّارِ مَكَّةَ بِالْقِتَالِ وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله (فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا) هِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ النَّقِيصَةُ وَالْحَالَةُ النَّاقِصَةُ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَمْ يَكُنْ سُؤَالُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَلَامُهُ الْمَذْكُورُ شَكًّا بَلْ طَلَبًا لِكَشْفِ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ وَحَثًّا عَلَى إِذْلَالِ الْكُفَّارِ وَظُهُورِ الْإِسْلَامِ كَمَا عُرِفَ مِنْ خُلُقِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقُوَّتِهِ فِي نُصْرَةِ الدِّينِ وَإِذْلَالِ الْمُبْطِلِينَ وَأَمَّا جَوَابُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُمَرَ بِمِثْلِ جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِهِ وَبَارِعِ عِلْمِهِ وَزِيَادَةِ عِرْفَانِهِ وَرُسُوخِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَزِيَادَتِهِ فِيهِ كُلِّهِ عَلَى غَيْرِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ (فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَتْحِ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فأقرأه إياه فقال يا رسول الله