فِي هَذَا الْبَعْثِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا قُذِفَ إِنْسَانٌ مُعَيَّنٌ فِي مَجْلِسِهِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ لِيُعَرِّفَهُ بِحَقِّهِ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ أَمْ لَا يَجِبُ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُحْصَنَ يُرْجَمُ وَلَا يُجْلَدُ مَعَ الرجم وقد سبق بيان الخلاف فيه
[1699] قوله (إن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا إِلَى قَوْلِهِ فرجما) في هذا دليل لوجوب حد الزنى عَلَى الْكَافِرِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّجْمُ إِلَّا عَلَى مُحْصَنٍ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهُ لَمْ يَثْبُتْ إِحْصَانُهُ وَلَمْ يُرْجَمْ وَفِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُخَاطَبُونَ بِهَا وَقِيلَ إِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالنَّهْيِ دُونَ الْأَمْرِ وَفِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا حَكَمَ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ شَرْعِنَا وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَصِحُّ إِحْصَانُ الْكَافِرِ قَالَ وَإِنَّمَا رَجَمَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا أَهْلَ ذِمَّةٍ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ وَلِأَنَّهُ رَجَمَ الْمَرْأَةَ وَالنِّسَاءُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُنَّ مُطْلَقًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَقَالَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ لِتَقْلِيدِهِمْ وَلَا لِمَعْرِفَةِ الْحُكْمِ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا هُوَ لِإِلْزَامِهِمْ بِمَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي كِتَابِهِمْ وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ الرَّجْمَ فِي التَّوْرَاةِ الْمَوْجُودَةِ فِي أَيْدِيهِمْ لَمْ يُغَيِّرُوهُ كَمَا غَيَّرُوا أَشْيَاءَ أَوْ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَلِهَذَا لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حِينَ كَتَمُوهُ قَوْلُهُ (نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا وَنَحْمِلُهُمَا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ نَحْمِلُهُمَا بِالْحَاءِ وَاللَّامِ وَفِي بَعْضِهَا نُجَمِّلُهُمَا بِالْجِيمِ وَفِي بَعْضِهَا نُحَمِّمُهُمَا بِمِيمَيْنِ وَكُلُّهُ مُتَقَارِبٌ فَمَعْنَى الْأَوَّلِ نَحْمِلُهُمَا عَلَى الْحَمْلِ وَمَعْنَى الثَّانِي نُجَمِّلُهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْجَمَلِ وَمَعْنَى الثَّالِثِ نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا بِالْحُمَمِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْفَحْمُ وَهَذَا الثَّالِثُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ رجم اليهوديان