بِالْغُرَّةِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى شَخْصِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لَمَا ذَكَرَهَا وَلَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ خِلَافُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ تَجْزِي فِيهَا السَّوْدَاءُ وَلَا تَتَعَيَّنُ الْبَيْضَاءُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْأَبِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الغرة عند العرب أنفس الشئ وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْإِنْسَانِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ الصَّحِيحِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ فَرِوَايَةٌ بَاطِلَةٌ وَقَدْ أَخَذَ بِهَا بَعْضُ السَّلَفِ وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ وَقَالَ دَاوُدُ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْغُرَّةِ يَجْزِي وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ هِيَ الْغُرَّةُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى فَيَكْثُرُ فِيهِ النِّزَاعُ فَضَبَطَهُ الشَّرْعُ بِضَابِطٍ يَقْطَعُ النزاع وسواء كان خلقه كامل الأعضاء أم نَاقِصَهَا أَوْ كَانَ مُضْغَةً تَصَوَّرَ فِيهَا خَلْقُ آدَمِيٍّ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ الْغُرَّةُ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ الْغُرَّةُ تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى مَوَارِيثِهِمُ الشَّرْعِيَّةِ وَهَذَا شخص يورث ولا يَرِثُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ نَظِيرٌ إِلَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرُّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لَا يورث عندنا وهل يورث فيه قولان أصحهما ورث وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْأُمِّ فَتَكُونُ دِيَتُهُ لَهَا خَاصَّةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا كُلِّهِ إِذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا أَمَّا إِذَا انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَيَجِبُ فِيهِ كَمَالُ دِيَةِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَجَبَ مِائَةُ بَعِيرٍ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَخَمْسُونَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَمَتَى وَجَبَتِ الْغُرَّةُ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا عَلَى الْجَانِي هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَسَائِرِ الْكُوفِيِّينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْبَصْرِيُّونَ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يَلْزَمُ الْجَانِيَ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015