(أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ لَا) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتَحِلْ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الِاكْتِحَالِ عَلَى الْحَادَّةِ سَوَاءٌ احْتَاجَتْ إِلَيْهِ أَمْ لَا وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلُّ لَهَا وَإِنْ احْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بِالنَّهَارِ وَيَجُوزُ بِاللَّيْلِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَإِنَّ فَعَلَتْهُ مَسَحَتْهُ بِالنَّهَارِ فَحَدِيثُ الْإِذْنِ فِيهِ لِبَيَانِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ لِلْحَاجَةِ غَيْرُ حَرَامٍ وحَدِيثُ النَّهْيِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ وَحَدِيثُ الَّتِي اشْتَكَتْ عَيْنُهَا فَنَهَاهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اكْتِحَالِ الْمُحِدَّةِ فَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَجُوزُ إِذَا خَافَتْ عَلَى عَيْنِهَا بِكُحْلٍ لَا طِيبَ فِيهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ وَمَذْهَبُنَا جَوَازُهُ لَيْلًا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ) مَعْنَاهُ لَا تَسْتَكْثِرْنَ الْعِدَّةَ وَمَنْعَ الِاكْتِحَالِ فِيهَا فَإِنَّهَا مُدَّةٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ خُفِّفَتْ عَنْكُنَّ وَصَارَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ سَنَةً وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِنَسْخِ الِاعْتِدَادِ سَنَةً الْمَذْكُورِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا رَمْيُهَا بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَمَتْ بِالْعِدَّةِ وَخَرَجَتْ مِنْهَا كَانْفِصَالِهَا مِنْ هَذِهِ الْبَعَرَةِ وَرَمْيِهَا بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ وَصَبَرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الِاعْتِدَادِ سَنَةً وَلُبْسِهَا شَرَّ ثِيَابِهَا وَلُزُومَهَا بَيْتًا صَغِيرًا هَيِّنٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ الزَّوْجِ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمُرَاعَاةِ كَمَا يَهُونُ الرَّمْيُ بِالْبَعَرَةِ
[1489] قَوْلُهُ (دَخَلَتْ حِفْشًا) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيبَ السمك قوله (ثم تؤتى بدابة حمار أوشاة أو طير