النِّسْوَةِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَةَ ثُمَّ لِسَائِرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْخَيْرِ وَإِيثَارِ أُمُورِ الْآخِرَةِ عَلَى الدُّنْيَا وَفِيهِ نَصِيحَةُ الْإِنْسَانِ صَاحِبَهُ وَتَقْدِيمُهُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ أَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ
[1476] قَوْلُهَا (إِنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيَّ لَمْ أُوثِرْ عَلَى نَفْسِي أَحَدًا) هَذِهِ الْمُنَافَسَةُ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِمُطْلَقِ الْعِشْرَةِ وَشَهَوَاتِ النُّفُوسِ وَحُظُوظِهَا الَّتِي تَكُونُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ بَلْ هِيَ مُنَافَسَةٌ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَالرَّغْبَةُ فِيهِ وَفِي خِدْمَتِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ وَفِي قَضَاءِ حُقُوقِهِ وَحَوَائِجِهِ وَتَوَقُّعُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْوَحْيِ عَلَيْهِ عِنْدهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَمِثْلُ هذا حديث بن عَبَّاسٍ وَقَوْلُهُ فِي الْقَدَحِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ
[1477] قَوْلُهَا (خَيَّرَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَعُدَّهُ طَلَاقًا) وَفِي رِوَايَةٍ فَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا وَفِي رِوَايَةٍ فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ يَعُدَّهُ طَلَاقًا وَفِي رِوَايَةٍ فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ يَعْدُدْهَا عَلَيْنَا شَيْئًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَمْ يَعُدَّهَا عَلَيْنَا شَيْئًا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ خَيَّرَ زَوْجَتَهُ فَاخْتَارَتْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلَاقًا وَلَا يَقَعُ بِهِ فُرْقَةٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْحَسَنِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ نَفْسَ التَّخْيِيرِ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ سَوَاءٌ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا أَمْ لَا وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَالنَّقَّاشُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْقَاضِي