يَحْمِلُ الْمَاءَ ثُمَّ تُسَمَّى بِهِ الْقِرْبَةُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ يَجْرِينَ بِفَتْحِ الْيَاءِ قَوْلُهُ (فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ عَنِ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَغَضِّهِنَّ عَنِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَكَانَ أَبْيَضَ وَسِيمًا حَسَنَ الشَّعْرِ يَعْنِي أَنَّهُ بِصِفَةِ مَنْ تُفْتَتَنُ النِّسَاءُ بِهِ لِحُسْنِهِ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَى عُنُقَ الفضل فقال له العباس لويت عنق بن عَمِّكَ قَالَ رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الشيطان عليهما فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَضْعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ كَانَ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ عَنْهُ وَعَنْهَا وَفِيهِ أَنَّ مَنْ رَأَى مُنْكَرًا وَأَمْكَنَهُ إِزَالَتَهُ بِيَدِهِ لَزِمَهُ إِزَالَتُهُ فَإِنْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَنْكَفَّ الْمَقُولُ لَهُ وَأَمْكَنَهُ بِيَدِهِ أَثِمَ مَا دَامَ مُقْتَصِرًا عَلَى اللِّسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا) أَمَّا مُحَسِّرٌ فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ الْمُهْمَلَتَيْنِ سُمِّيَ بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حصر فيه أي أعي فيه وكل منه قَوْلُهُ تَعَالَى يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حسير وَأَمَّا قَوْلُهُ فَحَرَّكَ قَلِيلًا فَهِيَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ السَّيْرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْرِعُ الْمَاشِي وَيُحَرِّكُ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) أَمَّا قَوْلُهُ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى فَفِيهِ أَنَّ سُلُوكَ هَذَا الطَّرِيقِ فِي الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَاتٍ سُنَّةٌ وَهُوَ غَيْرُ الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ إِلَى عَرَفَاتٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُ إِلَى عَرَفَاتٍ فِي طَرِيقِ ضَبٍّ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ لِيُخَالِفَ الطَّرِيقَ تفاؤلا بتغير الْحَالِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُخُولِ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَهَا مِنَ