بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الرُّكُوبُ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ عَلَى وَظَائِفِ مَنَاسِكِهِ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَفَقَةً وَقَالَ دَاوُدُ مَاشِيًا أَفْضَلُ لِمَشَقَّتِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ) مَعْنَاهُ الْحَثُّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِمَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ فِعْلِهِ فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ قَوْلُهُ (فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ) يَعْنِي قَوْلَهُ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مُخَالَفَةِ مَا كانت الجاهلية تقوله فِي تَلْبِيَتِهَا مِنْ لَفْظِ الشِّرْكِ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ تَلْبِيَتِهِمْ فِي بَابِ التَّلْبِيَةِ قَوْلُهُ (فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا رُوِيَ مِنْ زِيَادَةِ النَّاسِ فِي التَّلْبِيَةِ مِنَ الثَّنَاءِ وَالذِّكْرِ كَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ مرهوبا منك ومرغوبا اليك وعن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَبَّيْكَ حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا قَالَ الْقَاضِي قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْمُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (قَالَ جَابِرٌ لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِتَرْجِيحِ الْإِفْرَادِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَقْصَاةً فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّابِقِ قَوْلُهُ (حَتَّى أَتَيْنَا الْبَيْتَ) فِيهِ بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ لِلْحَاجِّ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ لِيَطُوفُوا