فِي مَعْنَى شَدَّ الْمِئْزَرَ فَقِيلَ هُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْعِبَادَاتِ زِيَادَةً عَلَى عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ التَّشْمِيرُ فِي الْعِبَادَاتِ يُقَالُ شَدَدْتُ لِهَذَا الْأَمْرِ مِئْزَرِي أَيْ تَشَمَّرْتُ لَهُ وَتَفَرَّغْتُ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَاتِ وَقَوْلُهَا أَحْيَا اللَّيْلَ أَيِ اسْتَغْرَقَهُ بِالسَّهَرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُهَا وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ أَيْ أَيْقَظَهُمْ لِلصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ وَجَدَّ فِي الْعِبَادَةِ زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُزَادَ مِنَ الْعِبَادَاتِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَاسْتِحْبَابُ إِحْيَاءِ لَيَالِيهِ بِالْعِبَادَاتِ وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ قِيَامُ اللَّيْلِ كُلِّهِ فَمَعْنَاهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُولُوا بِكَرَاهَةِ لَيْلَةٍ وَلَيْلَتَيْنِ وَالْعَشْرِ وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ إِحْيَاءِ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمِئْزَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَهْمُوزٌ وَهُوَ الْإِزَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ صَوْمِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ
[1176] فِيهِ قَوْلُ عَائِشَةَ (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ) وَفِي رِوَايَةٍ لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ قَالَ الْعُلَمَاءُ هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر وَالْمُرَادُ بِالْعَشْرِ هُنَا الْأَيَّامُ التِّسْعَةُ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ قَالُوا وَهَذَا مِمَّا يُتَأَوَّلُ فَلَيْسَ فِي صَوْمِ هَذِهِ التِّسْعَةِ كَرَاهَةٌ بَلْ هِيَ مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التَّاسِعُ مِنْهَا وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَقَدْ سَبَقَتِ الْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِهِ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ يَعْنِي الْعَشْرَ الْأَوَائِلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهَا لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ)