مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ضَاقَ الْكَفَنُ عَنْ سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ جُعِلَ مِمَّا يَلِيَ الرَّأْسَ وَجُعِلَ النَّقْصُ مِمَّا يَلِي الرِّجْلَيْنِ وَيَسْتُرُ الرَّأْسَ فَإِنْ ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ سُتِرَتِ الْعَوْرَةُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ جُعِلَ فَوْقَهَا فَإِنْ ضَاقَ عَنِ الْعَوْرَةِ سُتِرَتِ السَّوْأَتَانِ لِأَنَّهُمَا أَهَمُّ وَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْعَوْرَةِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْكَفَنِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْبَدَنِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَكُونُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ لِقَوْلِهِ لَمْ يُوجَدْ لَهُ غَيْرُهَا فَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ يُوجَدْ مِمَّا يَمْلِكُ الْمَيِّتُ إِلَّا نَمِرَةٌ وَلَوْ كَانَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَاجِبًا لَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْحَاضِرِينَ تَتْمِيمُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ قِيلَ كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ جَرَتْ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَدْ كَثُرَتِ الْقَتْلَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَغَلُوا بِهِمْ وَبِالْخَوْفِ مِنَ الْعَدُوِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَبْعُدُ مِنْ حَالِ الْحَاضِرِينَ الْمُتَوَلِّينَ دَفْنَهُ أنْ لَا يَكُونَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِطْعَةٌ مِنْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (مِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ) أَيْ أَدْرَكَتْ وَنَضِجَتْ قَوْلُهُ (فَهُوَ يَهْدُبُهَا) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا أَيْ يَجْتَنِيهَا يُقَالُ يَنَعَ الثَّمَرُ وَأَيْنَعَ يُنْعًا وَيُنُوعًا فَهُوَ يَانِعٌ وَهَدَبَهَا يَهْدِبُهَا إِذَا جَنَاهَا وهذا اسْتِعَارَةٌ لِمَا فُتِحَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدُّنْيَا
[941] قَوْلُهَا (كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثلاث أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) السَّحُولِيَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وهو رواية الأكثرين قال بن الأعرابي وغيره