بِالْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ طَوِيلَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُطْبَةِ لَا تَطْوِيلًا يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَهِيَ حِينَئِذٍ قَصْدٌ أَيْ مُعْتَدِلَةٌ وَالْخُطْبَةُ قَصْدٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَضْعِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ مِنَ الْفَهْمِ وَذَكَاءِ الْقَلْبِ قَالَ الْقَاضِي فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ذَمٌّ لِأَنَّهُ إِمَالَةُ الْقُلُوبِ وَصَرْفُهَا بِمَقَاطِعِ الْكَلَامِ إِلَيْهِ حَتَّى يَكْسِبَ مِنَ الْإِثْمِ بِهِ كَمَا يَكْسِبُ بِالسِّحْرِ وَأَدْخَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَدْحٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِتَعْلِيمِهِمُ الْبَيَانَ وَشَبَّهَهُ بِالسِّحْرِ لِمَيْلِ الْقُلُوبِ إِلَيْهِ وَأَصْلُ السِّحْرِ الصَّرْفُ فَالْبَيَانُ يَصْرِفُ الْقُلُوبَ وَيَمِيلُهَا إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثاني هو الصحيح المختار قوله عن بن أَبْجَرَ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ خَطَبَنَا عَمَّارٌ هَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وقال تفرد به بن أَبْجَرَ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَخَالَفَهُ الْأَعْمَشُ وَهُوَ أَحْفَظُ بِحَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ فَحَدَّثَ به عن أبي وائل عن بن مَسْعُودٍ هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مثل هذا الاستدراك مردود لأن بن أبجر ثقة يوجب قَبُولُ رِوَايَتِهِ
[870] قَوْلُهُ فَقَدْ رَشَدَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا قَوْلُهُ إِنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمَرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ أَنَّ الْخُطَبَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ