الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامٌ عَجِيبٌ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ نَبَّهَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ وَمَعْنَى تُسْجَرُ جَهَنَّمُ تُوقَدُ عَلَيْهَا إِيقَادًا بَلِيغًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَلْ جَهَنَّمُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ أَمْ عَجَمِيٌّ فَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ الْمَنْظَرِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِئْرٌ جَهَامُ أَيْ عَمِيقَةٌ فَعَلَى هَذَا لَمْ تُصْرَفْ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَامْتَنَعَ صَرْفُهَا لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ مَعْنَى أَقْبَلَ الْفَيْءُ ظَهَرَ إِلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْفَيْءُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَمَّا الظِّلُّ فَيَقَعُ عَلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَفِيهِ كَلَامٌ نَفِيسٌ بَسَطْتُهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَا يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَلَا بِصَلَاةِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَمْ يُكْرَهِ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يُدْنِيهِ وَالْوَضُوءُ هُنَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ أَيْ يُخْرِجُ الَّذِي فِي أَنْفِهِ يُقَالُ نَثَرَ وَانْتَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ مُشْتَقٌّ مِنَ النَّثْرَةِ وَهِيَ الْأَنْفُ وَقِيلَ طَرَفُهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الطَّهَارَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ خَرَّتْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيعِ الرُّوَاةِ إِلَّا بن أَبِي جَعْفَرٍ فَرَوَاهُ جَرَتْ بِالْجِيمِ وَمَعْنَى خَرَّتْ بِالْخَاءِ أَيْ سَقَطَتْ وَمَعْنَى جَرَتْ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ بِالْخَطَايَا الصَّغَائِرُ كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ وَالْخَيَاشِيمُ جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ وَقِيلَ الْخَيَاشِيمُ عِظَامٌ رِقَاقٌ فِي أَصْلِ الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ