أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ الْمُرَادُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرَائِضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا وَاسْتَحَبُّوا جَمِيعَ هَذِهِ النَّوَافِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَلَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا إِلَّا فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَفِيهِمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَشْهَرُهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ والصحيح عند المحققين استحبابهما بحديثي بن مُغَفَّلٍ وَبِحَدِيثِ ابْتِدَارِهِمُ السَّوَارِيَ بِهَا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ وَاخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ فِي أَعْدَادِهَا مَحْمُولٌ عَلَى تَوْسِعَةِ الْأَمْرِ فِيهَا وَأَنَّ لَهَا أَقَلَّ وَأَكْمَلَ فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِالْأَقَلِّ وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ فِعْلُ الْأَكْثَرِ الْأَكْمَلِ وَهَذَا كَمَا سَبَقَ فِي اخْتِلَافِ أَحَادِيثِ الضُّحَى وَكَمَا فِي أَحَادِيثِ الْوِتْرِ فَجَاءَتْ فِيهَا كُلِّهَا أَعْدَادُهَا بِالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَمَا بَيْنَهُمَا لِيَدُلَّ عَلَى أَقَلِّ الْمُجْزِئِ فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَعَلَى الْأَكْمَلِ وَالْأَوْسَطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ هِنْدَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أمِّ حَبِيبَةَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ دَاوُدُ وَالنُّعْمَانُ وَعَمْرٌو وَعَنْبَسَةُ وَقَدْ سَبَقَتْ لِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ قَوْلُهُ بِحَدِيثٍ يَتَسَارَّ إِلَيْهِ هُوَ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتُ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَرْفُوعَةِ أَيْ يُسَرُّ بِهِ مِنَ السُّرُورِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبِشَارَةِ مَعَ سُهُولَتِهِ وَكَانَ عَنْبَسَةُ مُحَافِظًا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا قَوْلُهُ ص تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ هُوَ مِنْ بَابِ التَّوْكِيدِ وَرَفْعِ احْتِمَالِ إِرَادَةِ الِاسْتِعَاذَةِ فَفِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ التَّوْكِيدِ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ وَكَذَا قَالَ عَنْبَسَةُ وَكَذَا قَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ وَالنُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ فيه أن يحسن من العالم ومن يقتدى بِهِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا وَلَا يَقْصِدُ بِهِ تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ بَلْ يُرِيدُ حَثَّ السَّامِعِينَ عَلَى التَّخَلُّقِ بِخُلُقِهِ فِي ذَلِكَ وَتَحْرِيضِهِمْ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ وَتَنْشِيطِهِمْ لِفِعْلِهِ
[729] قَوْلُهُ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الظهر سجدتين أي ركعتين قَوْلُهَا كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَتْ مِثْلَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ونحوه في حديث بن عُمَرَ فِيهِ اسْتِحْبَابُ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ فِي الْبَيْتِ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ غَيْرُهَا وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ رَاتِبَةُ فَرَائِضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ الِاخْتِيَارُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ كُلِّهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ الْأَفْضَلُ فِعْلُ نَوَافِلِ النَّهَارِ الرَّاتِبَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَاتِبَةِ اللَّيْلِ فِي الْبَيْتِ وَدَلِيلُنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ