الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَمَعْنَاهُ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِمَا فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ رَكْعَتَانِ عَلَى سَبِيلِ التَّحْتِيمِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ وَثَبَتَتْ دَلَائِلُ جَوَازِ الْإِتْمَامِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَالْجَمْعُ بَيْنَ دَلَائِلِ الشَّرْعِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ فَقَالَ إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِمَا فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْقَصْرَ جَائِزًا وَالْإِتْمَامَ جَائِزًا فَأَخَذَا بِأَحَدِ الْجَائِزَيْنِ وَهُوَ الْإِتْمَامُ وَقِيلَ لِأَنَّ عُثْمَانَ إِمَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَعَائِشَةُ أُمُّهُمْ فَكَأَنَّهُمَا فِي مَنَازِلِهِمَا وَأَبْطَلَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقِيلَ لِأَنَّ عُثْمَانَ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ بِأَزْوَاجِهِ وَقَصَرَ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ حَضَرُوا مَعَهُ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ أَبَدًا حَضَرًا وَسَفَرًا وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلِ اشْتَهَرَ أَمْرُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ وَقِيلَ لِأَنَّ عُثْمَانَ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْحَجِّ وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ حَرَامٌ عَلَى الْمُهَاجِرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَقِيلَ كَانَ لِعُثْمَانَ أَرْضٌ بِمِنًى وَأَبْطَلُوهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْإِتْمَامَ وَالْإِقَامَةَ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حنيفة وأحمد والجمهور أنه يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ مُبَاحٍ وَشَرَطَ بَعْضُ السَّلَفِ كَوْنَهُ سَفَرَ خَوْفٍ وَبَعْضُهُمْ كَوْنَهُ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ وَبَعْضُهُمْ كَوْنَهُ سَفَرَ طَاعَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُونَ وَلَا يَجُوزُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفُقَهَاءُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ لا يَجُوزُ الْقَصْرُ إِلَّا فِي مَسِيرَةِ مَرْحَلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ وهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية وَالْمِيلُ سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ إِصْبَعًا مُعْتَرِضَةٌ مُعْتَدِلَةٌ وَالْإِصْبَعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ مُعْتَدِلَاتٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ لَا يُقْصِرُ فِي أَقَلَّ من ثلاث مراحل وروى عن عثمان وبن مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يَجُوزُ