وَإِسْكَانِ الرَّاءِ
[653] قَوْلُهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ هذا الأعمى هو بن أُمِّ مَكْتُومٍ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ الْجَمَاعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِسَبَبِ عُذْرِهِ فَقِيلَ لَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَدَلِيلُهُ مِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا تَرْخِيصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم له ثُمَّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ فَأَجِبْ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِوَحْيٍ نَزَلَ فِي الْحَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ أَوَّلًا وَأَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْكَ الْحُضُورُ إِمَّا لِعُذْرٍ وَإِمَّا لِأَنَّ فرض الكفاية حاصل بحضور غيره واما للأمرين ثُمَّ نَدَبَهُ إِلَى الْأَفْضَلِ فَقَالَ الْأَفْضَلُ لَكَ وَالْأَعْظَمُ لِأَجْرِكَ أَنْ تُجِيبَ وَتَحْضُرَ فَأَجِبْ وَاللَّهُ أعلم