ومن هنا تزداد بصيرة في أن رسم العدالة بذلك الرسم لا يتم في حق الرواة وأن المرجع ليس إلا في ظن الصدق فإن قلت قد أبطل الله تعالى شهادة القاذف فقال (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا) والقذف كبيرة فيلحق به سائر الكبائر في عدم القبول لأخبار مرتكبها، قلت أما أولا فإنه قياس فاسد الوضع لمصادمته آية التبين.
وثانيا إنه لا قياس لكبيرة على كبيرة لعدم معرفة الوجه الجامع وإلا لزم إيجاب حد القذف في كل كبيرة بالقياس عليه.
فالحق أن القذف لعظم حرمة المؤمنات وهتك حجاب عفتهن كانت عقوبة القاذف شديدة في الدنيا بأمرين جلده ثمانين جلدة ثم إسقاطه عن قبول الشهادة ولو في حبة خردل فلا يحلق به غيره (?).
فإن قلت وكيف يعرف أن المخبر يفيد خبره الظن فإنه إنما يعرف ذلك من خالط المخبر قلت ما يعرف به عدالة المخبرين الذين لم يلقهم المخبر له يعرف صدق المخبرين فإن معرفة أحوال الرواة من تراجمهم يفيد ذلك].
قال الصنعاني (ص/ 47): [في رسم الحافظ للتقوى قصورا فإنها اجتناب المحرمات والإتيان بالواجبات وقد اقتصر على الفصل الأول من فصلي رسمها ومنهم من فسرها بالاحتراز عما يذم شرعا وهو صحيح شامل للأمرين].
قال الصنعاني (ص/24: 29): [قسم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى البدعة في النخبة إلى قسمين: إلى ما يكون بمكفر أو بمفسق، واختار في شرحها أن الأول لا يكون قادحا في الراوي إلا إذا كان ردا لأمر معلوم من الدين ضرورة أو عكسه أي إثباتا لأمر معلوم بالضرورة أنه ليس منه وإنما فسرنا العكس بهذا لأن ذكر الاعتقاد لا دخل له في كون الفعل بدعة فلا بد من حمله على إثبات أمر ليقابل