يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار -العدوي مولاهم- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح" (بينما) أصلها (بين) زيدت عليها (ما) "بينما الناس بقباء" بالمد والتذكير والصرف على الأشهر، فتقول: بقباءٍ بالمد بقباءٍ والتذكير والصرف "في صلاة الصبح" وفي حديث البراء في الصحيحين: "أنهم كانوا في صلاة العصر" لكن لم يبين المكان، فحمل على أن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح، وبنو حارثة الذين جاءهم عباد بن بشر يخبرهم كانوا في صلاة العصر، تأخر إخبار أهل قباء لبعدهم عن مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وتقدم إخبار بني حارثة لقربهم منهم؛ لأنهم داخل المدينة، كانوا في صلاة الصبح فأتاهم آتٍ لم يسم، وإن زعم بعضهم أنه عباد بن بشر الذي أخبر بني حارثة، لكن لم يسمّ في شيء من طرق الحديث لم يسم "إذ جاءهم فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن" أنزل عليه الليلة قرآن، قرآن في كل ليلة ينزل عليه، في كثير من الليالي ينزل عليه قرآن، لكن المراد به القرآن الذي يخص تحويل القبلة من بيت المقدس إلى جهة الكعبة "وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبِلوها" وفي رواية: "فاستقبَلوها" يعني ضبطت هكذا وهكذا "فاستقبِلوها" أمر، أُمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستقبل القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والأمر له -عليه الصلاة والسلام- أمرٌ لأمته، فاستقبِلوها أو فاستقبَلوها امتثلوا هذا الأمر؛ لأن الأصل أن الدين للجميع والأصل الاقتداء والائتساء به -عليه الصلاة والسلام-، وما دام أمر أن يستقبل الكعبة فأمته في حكمه -عليه الصلاة والسلام-، "أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام" يعني إلى بيت المقدس على القبلة الأولى "فاستداروا إلى الكعبة" أي تحولوا إلى جهة الكعبة وهم في صلاتهم، هم في صلاتهم صلوا بعض الصلاة إلى جهة بيت المقدس ثم ائتموها فاستداروا إلى جهة الكعبة، فدل على أن الناسخ إنما يلزم العمل به من بلوغه لا من نزوله، ولذا لم يؤمروا بالإعادة، لا إعادة هذه الصلاة ولا ما تقدم من الصلوات قبلها العشاء وقبلها