باب: العمل في الاستسقاء: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم" المدني قاضي المدينة "أنه سمع عباد بن تميم" بن غزية المازني الأنصاري "يقول: سمعت عبد الله بن زيد -بن عاصم بن كعب- المازني" راوي حديث الوضوء، لا راوي خبر الأذان كما زعم ابن عيينة، وقد وهمه البخاري في صحيحه، البخاري -رحمه الله- لما ساق الحديث قال: إن ابن عيينة يرى أن عبد الله بن زيد هذا هو راوي حديث الأذان وقد وهم "يقول: خرج رسول الله إلى المصلى" لأنه أبلغ في التواضع، وأوسع للناس، فيخرج الإمام بالناس متخشعاً متذللأً متضرعاً مظهراً الحاجة، مظهراً الفاقة، مظهراً المسكنة لله -جل وعلا-، مجتنباً موانع قبول الدعاء، هو ومن معه، عليهم أن يجتنبوا ما يمنع قبول الدعاء وإلا صار هذا استخفاف ما هو باستسقاء، والله المستعان.
وليتحرى أتقى الناس وأورعهم وأبعدهم عن أكل الحرام أن يستسقي بالناس، وأن يدعو لهم، وأن يصلى بهم، والناس في هذا المقام ليسوا بحاجة إلى مقامات وخطب رنانة، هم بحاجة إلى قلوب مقبلة خاشعة متذللة ضارعة إلى الله -جل وعلا-، ولذا كانوا يستسقون بالنبي -صلى لله عليه وسلم- بدعائه أفضل الخلق، وسيأتي أنه دعا فمطروا في الحال، ثم استسقى عمر -رضي الله عنه- بالعباس، يعني بدعائه لا بذاته، واستسقى معاوية بيزيد بن الأسود، المقصود أن الناس بحاجة إلى رجلٍ مخلص يستسقي لهم، وليسوا بحاجة إلى خطيبٍ يصف الكلام وينمقه ويرتبه، ويكثر من الأسجاع هذه لها مقامات، لكن في مثل هذا الموضع يختلف الوضع، والله المستعان.