مسألة سجود الشمس كل ليلة واستئذانها تسجد تحت العرش كل ليلة وتستأذن ولا يلزم من ذلك أن تفارق فلكها؛ لأن هذه أمور غيبية، ولو قلنا: إنها تفارق الفلك والآن بعد أن اكتشفت جميع أجزاء الأرض وأن الشمس لا تغاب عن الأرض، إذا غابت عن جزء طلعت على جزءٍ آخر، فأقول: إن هذا من الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي، فإذا صحت عندنا الأخبار علينا التسليم، يعني كما نقول في النزول الإلهي؛ لأن بعضهم يورد -هذا حديث صحيح- الله -جل وعلا- ينزل آخر كل ليلة في الثلث الأخر بالأدلة القطعية وصلت إلى حد القطع، والثلث الأخير متفاوت من بلد إلى بلد، وأيضاً قد يكون فيه شيء من المعارضة، وجه معارضة لأحاديث الاستواء، وأدلة العلو، والذي قرره شيخ الإسلام أنه ينزل في آخر كل ليلة، وأنه لا يخلو منه العرش، سمعنا وأطعنا، هذا شيء لا يمكن أن نحيط به، وعلينا أن نعمل، وهذا من باب امتحان المكلف، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.
"ثم قال: ((يا أمة محمد)) وفيه معنى الإشفاق، يعني كما يخاطب الوالد ولده ((والله -هذا قسم- ما من -من زائدة- أحد أغير من الله)) ((ما من أحد أغير من الله -جل وعلا-)) الله -جل وعلا- يغار أن تنتهك محارمه، ((ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته)) ولذا ظهور هذه الفاحشة مؤذن بخطر عظيم، مؤذن بتعجيل العقوبة، كثرة الزنا، وانتشار الفاحشة مؤذن بتعجيل العقوبة، ((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) من عظيم قدرة الله -جل وعلا-، وانتقامه من المجرمين، وهذا هو الظاهر، وهو المناسب للبكاء، ومنهم من يقول: لو تعلمون ما أعلم من عظيم سعة رحمته وحلمه لبكيتم على ما فاتكم من ذلك، لكن الأول أقرب هو المناسب للبكاء ((لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) لتفريطكم، وهذا المواجه به الصحابة أفضل الأمة، فكيف بمن جاء بعدهم ممن جمع بين سوء العمل مع حسن الظن وطول الأمل؟ جاء في الوصف وصف خيار الأمة أنهم {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ} [(60) سورة المؤمنون] فجمعوا بين الخوف والوجل مع حسن العمل، على ضد ما نحن عليه، ونحن أولى بأن يوجه لنا هذا الكلام.