ثم قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" وعرفنا أن صلاة الخوف شرعت أو لم تشرع؟ خلاف، فالذي يقول: إنها لم تشرع صلاة الخوف يقول: ما صنعه في غزوة الخندق منسوخ، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، بل تصلى الصلاة على أي حال أمكنت من الوجوه الجائزة، وإذا قلنا: إن صلاة الخوف مشروعة قلنا: غزوة الخندق بالحضر، وصلاة الخوف لا تصلى بالحضر، وقد قال به جمعٌ من أهل العلم، وعرفنا أن غزوة الخندق متقدمة على ذات الرقاع فتكون لم تشرع بعد، فيكون ما صنعه في غزوة الخندق منسوخاً "أنه قال: ما صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" عمداً لانشغاله بالقتال، وذلك قبل شرعية صلاة الخوف على الخلاف السابق، أو لأنها لا تشرع في الحضر على قول، وهذا كله تقدم.

"ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر" وعند النسائي عن ابن مسعود أنهم شغلوه عن أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا عند النسائي من حديث ابن مسعود، شغلوه عن أربع صلوات في الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، وقوله: أربع تجوز لماذا؟ لأن العشاء لم يخرج وقتها، لأن العشاء لم تفت، ومقتضى حديث علي وجابر في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، عند النسائي أربع صلوات، وعندنا من كلام سعيد أنهم شغلوه عن الظهر والعصر، حديث ابن مسعود عند النسائي أربع صلوات، وجاء عن جابر وعلي في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، فمال ابن العربي إلى الترجيح، فقال: إنه الصحيح، لأنه لم يفت إلا العصر لأنها هي المتفق عليها، لم يفت إلا العصر لأنها في الصحيحين، فهي أرجح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015