وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس.
قال مالك -رحمه الله-: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إليّ في صلاة الخوف.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صلاة الخوف أو "كتاب صلاة الخوف" كتاب صلاة الخوف المراد صفتها، صفة صلاة الخوف، الخوف مصدر خاف يخوف خوفاً إذا فزع، وهو ضد الأمن، والخوف والفزع والذعر معانيها متقاربة، الخوف يطلب من المسلم أن يكون خائفاً من الله -جل وعلا-، راجياً له -سبحانه وتعالى-، أما ما يدعو إلى الخوف والذعر والفزع هذه أمور محرمة، وهي أشد الخوف على الإنسان، بل والحيوان أشد عنده من الجوع والعطش، فالأمن شأنه عظيم الأمن في شريعة الإسلام وفي غيرها وعند العقلاء كافة شأنه عظيم، ولذا جاء تقديمه على الجوع {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(155) سورة البقرة] فدل على أن الأمن أهم من الأكل والشراب، وبعض المفسرين أراد أن يطبق هذه الآية على الحيوان فجاء بحيوان كسير مربوط ووضع عنده العلف وربط أمامه ذئب، فلما أصبح جاء والطعام -العلف- على حاله ما أكل؛ لأنه لم يأمن، فإذا كان هذا في الحيوان فما شأن الإنسان؟! كيف يأمن الإنسان على نفسه؟ كيف يأمن على عرضه؟ كيف يأمن على دينه؟ كيف يؤدي .. ؟ كيف يعبد ربه على الوجه المطلوب منه وهو خائف؟ ولذا الأمن من أعظم النعم من الله -جل وعلا-، والذي يتعرض لزعزعته أو خلله متعرض لأمرٍ عظيم، وحفظ الأمن من أوجب الواجبات على ولي الأمر، كما هو مقرر في كتب أهل العلم، فالأمن شأنه عظيم، والخوف والذعر شأنه خطير أيضاً، فنهتم بهذا الأمر.